من انا ؟


من انا ؟
اعتصر مخك جيداً !
راحة نفسية بعيدة
هدوء داخلى غير مُشبع
ينظر حوله جيدا ً لا يسمع غير اصوات                                    
دقات قلبه التى تتعالى فيعلم انه مازال على قيد الحياة
يحاول ان يسند رأسه على الوسادة
هاه نعم انها الوسادة التى تتحضن راسه و يعانقها
لكن يعود مرة اخرى و يسأل نفسه بعمق اكثر
من انا ؟

جاء من مدينة المحلة
نعم مدينة المحلة لايعرف عنها اهل بلده الكثير
يعرفون ناديين يحملا اسمها ولكن لايعرفوا شئ اخر !
سعى حتى يصبح عازف
سار بجيتاره الاله التى تعلمها بمحض الصدفة
جاء الى هذه الدولة الباردة
ليست باردة فقط فى طقسها و لكنها ايضاً فى علاقتها
هنا فقط يعرفك من يعرفك من اجل مصلحة و تنتهى علاقتكما بقضاءها
يعرف الكثير عن الموسيقى فقد كان تخصصه و لكن الظروف
فى بلاده العجوز لا تسمح ان يعمل بها
فالشعب الكادح لايرى ان الموسيقى شئ مهم
بعد ان اختلطت عفونة ما تسمى المهرجانات بلقب اغنية
حتى اصبح الفن عملة رخيصة لايسمعها سوى العشاق
الى الفن الراقى الذين اصبحوا عملة نادرة

وصل الى باريس فى ليلة من الشتاء
لم يعرف احد ولا احد يعرفه
وقع فى غرام مدينة التسوق هذه
وقع فى غرام الفتيات الحسنوات
ذوى الاقدام الناعمة اللامعة و العيون الملونة
وذوى الاخصار المثالية
لم يعرف سوى جارته فى سكن رخيص الثمن
عاش فيه الكثير من العرب والاجانب الدارسين
فكلهم فرضت عليهم الحياة بقسوتها ان يكونوا فى ذلك المكان
وقع فى غرام جارته .
نعم جارته الانيقة كما يلقبونها فى السكن
فتاة ذوى عينيتان واسعتان
وخصر مثالي تثير جميع من
ذوى شهوة تقتلهم
لا تتحدث الفرنسية ولكنها
تتحدث الانجليزية بلكنة المانية
تعجب به و يُعجب بها
يعيشان معاً فى هدوء وخصوصاً
مبتعدين عن طريق اصدقاءها
استطاع ان يعمل فى احدى الفنادق
عازف للجيتار ! يصنع فقط الفواصل للسكارى
شعر ان حلمه يتبدد ولكن لقمة العيش ليست بسهلة
ومشوار الميل يبدأ بخطوة
من الممكن ان تكون هذه هى الخطوة
على الاقل لم يعمل بعيداً عن حلمه
مثل الباقيين الذين اصبحوا منظفين و غسيلى اطباق
فهو مزال  ممسك بالالته الذى يحبه بل يعشقها
تبدد الايام
ودوام الحل من المحال فتتركه صديقتنا لتتزوج
تتزوج ؟! يلا الم
 بارك لها فهى لم تتعبره سوى صديق
وهو ايضاً احبها ولكن لم ينزلق بكل قلبه
فلم يكن الالم صعب
تزوجت من رجل اعمال كانت تعمل عنده
فى اوقات فراغها
مشوار الالف ميل يبدأ بخطوة
ولكن ماذا لو رجعت هذه الخطوة ؟
فُصل من عمله فى الفندق و لم يكن معه سوى اجرة
غرفة نومة حتى وجبة واحدة لم يقدر ان يوفر ثمنها
جلس فى الشوارع مع جيتاره يجمع المال من الناس
 ظل الدمع يترقرق فى عينه لايعلم من شدة الهواء ام من كسرة النفس
يحاول فقط شراء شطيرة ساخنة حتى يسد جوعه
بعد ان افرغت معدته الم رهيب من قلة الاكل
ينزل يومياً الى الشارع يحاول ان يجمع ما يجمعه من المال
عناء وعناء فى محاولة ايجاد المال و الامل
عناء وعناء فى مطاردة الشرطة له لانه متسول !
لم يجمع من المال سوى ما يكفيه الى شراء واجبة واحدة
ياكلها ليعود بيته

شجار مع صاحب السكن يهدده بالطرد
و ينتهى الشجار بأن يعطيه فرصة واحدة فقط حتى نهاية هذا الشهر
يسمعه من يسمعه فى الشارع و لكن يلا الحظ
اذا سمعك احدى مغنى اصحاب الاستوديوهات و يُعجب بك !
اغانى الاندرجروند ! نعم يعشها و لكن غير مسموعة فى بلده
بغير المثقفين او الفاهمين فى الموسيقى
ينادى عليه و يريد التعرف عليه
لكن يرفضه لمعرفة انه عربي

يعود مرة اخرى الى السكن معه سوى بضعة يوروهات
لاتكفى سوى لشراء طعام و لكن فضل ان يحتفظ بهم حتى يستطيع
دفه اجرة السكن الى يئويه !
يشعر بان جسده ملئ بالصهد
 الان وهو مصاب بالحمة
ينام وسط هذا اللحاف و نزل فقط لشراء شئ ساخن يشربه
يحاول ان ينام و لكن الجوع يقتله
الحمة تكاد ان تقتله
ينام ويقوم
لايعرف ما يحدث حوله هو حقيقة ام خيال
ناتج عن الحمة
جسده ميت داخل الفراش و لكن معدته تعتصر جوعاً
جسدة يبلى كل يوم
ينام لليوم الرابع على التوالى يمر صاحب السكن
فى اليوم الخامس
يدق بابه فلا يستطيع النهوض و يستمر فى نومه مرة اخرى
يفيق بعد مرور اسبوع تقريباً
يصعب عليه الرؤية بصورة جيدة و لكن
يبدا يتسأل
من انا ؟

من انا ؟
اعتصر مخك جيداً !
راحة نفسية بعيدة
هدوء داخلى غير مشبع
ينظر حوله جيدا ً لايسمع غير اصوات
دقات قلبه التى تتعالى فيعلم انه مزال على قيد الحياة
يحاول ان يسند رأسه على الوسادة
هاه نعم انها الوسادة التى تتحضن راسه و يعانقها
لكن يعود مرة اخرى و يسأل نفسه بعمق اكثر
من انا ؟
ينظر الى مرتحل عمره التى مرت من فشل الى فشل
نجاحته قليلة جداً
تكاد لاتُرى وسط هذا الكم الرهيب من الفشل
بلى انها بحور
جاء من بلد لا تًقدر ما يفعل لبلد تقدر
ولكن مافائدة التقدير بدون فرصة
ثم يغمض عينيه فى راحة تامة
ثم يحاول ان يسمع صوت دقات قلبه
فلم يسمعها مطلقا ً
لانه قد استراح من الى الابد
انتهت ..



تعليقات

المشاركات الشائعة